على مدار 40 عامًا، عملت أكاديمية لا ماسيا الأسطورية في برشلونة بمستوى لا مثيل له عن أي أكاديمية أخرى.
وخرج من بين جدرانها أساطير مثل أندريس إنييستا، تشافي، بيب غوارديولا، ليونيل ميسي، كارليس بويول، سيرجيو بوسكيتس في العقود الأخيرة، ذلك على سبيل المثال لا الحصر.
هؤلاء الأساطير شربوا الثقافة والهوية الكروية المميزة التي صنعت ربيع البارسا، ووضعتهم ووضعت النادي على قمة كرة القدم العالمية.
لم تصب لا ماسيا بالعقم كما يتصور البعض، لكن هناك هجرة جماعية حدثت لبعض المواهب، وقد يكون نجم هذه الحلقة كونراد دي لا فوينتي الموهبة الجديدة التي قد يفتقدها برشلونة.
حتى كتابة السطور لا يزال اللاعب على ذمة برشلونة حيث ينتهي عقده بنهاية الموسم الحالي، وبمقدوره أن يكون أول أمريكي يصل للفريق الأول للكتلان، لكن ذلك سيعتمد ذلك على ما إذا كان بإمكان النادي الاحتفاظ بالمراهق الموهوب في الأشهر القادمة.
ولد دي لا فوينتي في ميامي لأبوين هايتيين، وانتقل إلى برشلونة في العاشرة من عمره عندما تولى والده وظيفة في السفارة الهايتية في إسبانيا. بعد فترة وجيزة، تم اكتشاف المهاجم أثناء اللعب لصالح فريق إف سي دام المحلي قبل أن يحصل على فرصة عمره للانضمام إلى برشلونة.
إنها فرصة يتم توفيرها لعدد قليل من اللاعبين، وقد حصل اللاعب على تعليم كرة قدم في بيئة هي الأفضل في العالم، وقال اللاعب في مايو الماضي لشبكة إي إس بي إن "في كل عطلة نهاية الأسبوع كنت أشاهد رونالدينيو، كان مثلي الأعلى، في الوقت الذي كان يلعب فيه في برشلونة، كنت أرغب في الوصول إلى النادي، وأنا سعيد الآن لأنني حصلت على الفرصة.".
بينما قضى سنواته التكوينية خارج الولايات المتحدة، انضم سريعًا لفرق الشباب الأمريكية. كان عضوًا في فريق الولايات المتحدة تحت سن 18 عامًا عندما كان يبلغ من العمر 16 عامًا قبل أن يقفز إلى مستوى تحت 20 عامًا عام 2019، ممثلاً لبلاده في كأس العالم تحت 20 عامًا في الصيف الماضي.
كان دي لا فوينتي هو اللاعب الوحيد الذي يبلغ من العمر 17 عامًا في قائمة المنتخب الأمريكي تحت 20 عامًا، وبدأ جميع المباريات الخمس قبل خسارته أمام الإكوادور في دور الثمانية.
قال أوميد نمازي المدير السابق لمنتخب الولايات المتحدة تحت 18 عامًا لصحيفة أمريكان سوكر ناو في صيف عام 2019 "كونراد مميز، إنه يتمتع بالديناميكية، فعندما تكون الكرة عند قدميه يمكنه الركض وتخطي المدافعين وخلق فرص تسجيل الأهداف لنفسه. لكنه أيضًا ذكي بما يكفي ليتمكن من منح زملائه التمريرات الحاسمة".
"كنت أستخدمه في الغالب كقلب هجوم وكان جيدًا في هذا المركز، لكنني أعتقد أنه من الأفضل استخدامه كجناح أو مهاجم متأخر في طريقة 4/4/2."
منذ انضمامه لبرشلونة في عمر 12 عامًا، تقدم الجناح الذي يبلغ من العمر 18 عامًا بشكل سريع من خلال فرق الشباب في برشلونة، شارك بشكل أساسي مع نادي برشلونة لأقل من 19 عامًا، لكنه ظهر في مباراتين مع برشلونة الرديف في المستوى الثالث من كرة القدم الإسبانية.
ولأنه مهاجم يعرف صفات كونراد، فإن المهاجم الهولندي الأسطوري لبرشلونة، باتريك كلويفرت، الذي يرأس الآن أكاديمية برشلونة، ولأن عقد اللاعب ينتهي هذا الصيف، فهو يبذل كل مساعيه للحفاظ على خدماته، لكن القرار الآن متروكًا للجناح لحسم مستقبله.
وقال كلويفرت في نوفمبر الماضي "لقد تحدثت عدة مرات مع كونراد، إنه لاعب رائع ويقوم بعمل جيد للغاية، وهو بحاجة إلى تسجيل المزيد، لكن كما قلت أنه في آخر ثلاث مباريات سجل أربعة أهداف، وهذا أمر جيد. أعتقد أنه عندما يستمر المواصلة على هذا المنوال في العام المقبل، سيكون متواجدًا في فريق برشلونة الرديف".
في الأشهر الأخيرة، يبدو أن الأمور قد تغيرت. بدأ الجانبان محادثاتهما في أكتوبر، حيث ترأس كلويفرت المحادثات، ولكن قيل إن المفاوضات انهارت قبل نافذة الانتقالات الشتوية. لم يلعب للنادي منذ ذلك الحين.
ووفقًا لإي سي بي إن، فإن رغبة اللاعب في الوصول للفريق الأول، جعله وجه مألوف لمن يعرف الكرة الأمريكية جيدًا.
أبدى هرتا برلين، الذي يدربه يورجن كلينسمان، مدرب المنتخب الأمريكي السابق، اهتمامًا بالجناح الشاب. إن الانتقال إلى البوندسليجا من شأنه أن يوفر مسارًا أسرع للفريق الأول من البقاء في برشلونة، حيث السير على خطى لاعبين من بلده مثل كريستيان بوليسيك وتيلر آدمز وجوش سارجنت وستون ماكيني.
في حين أن الحصول على مكان في البوندسليجا ليس بالمهمة السهلة، إلا أنه تبدو مغامرة محسوبة أكثر من الاستمرار في برشلونة وبالنسبة لصعوبة الفرص في المقاطعة الكتالونية، ولن يكون دي لا فوينتي أول لاعب يغادر لا ماسيا بحثًا عن المزيد من الدقائق.
في العقود الماضية، اكتشف لاعبون مثل ميكيل أرتيتا وسيسك فابريجاس وجيرارد بيكيه أن هناك حياة بعد الرحيل كاتالونيا، وربما حتى العودة في مرحلة ما.
في الآونة الأخيرة، أصبح لاعب خط الوسط الموهوب كارليس ألينا أحدث المواهب الراحلة، متحركًا على سبيل الإعارة للانضمام إلى ريال بيتيس بعد أن عانى للوصول للفريق الأول المرصع بالنجوم.
وقال دي لا فوينتي لصحيفة الجارديان "يمكنني اللعب في كلا الجناحين، فأنا أتميز بالسرعة والقدرة على المراوغة، كما أنني أتميز في المواقف الفردية، وأتميز بالقدرة على تسجيل الأهداف".
وأضاف "اللاعب الذي أحبه أكثر من غيره من اللاعبين هو بالطبع ليونيل ميسي، لكن بالنظر إلى المميزات التي أمتلكها كلاعب فإنني أحب أيضا عثمان ديمبيلي وأتابعه عن كثب. أما فيما يتعلق باللاعبين السابقين في برشلونة، فإنا أحب الطريقة التي يلعب بها نيمار، فهو يمتلك قدرات كبيرة تمكنه من التفوق على لاعبي الفرق المنافسة، كما يمتاز بالسرعة الشديدة".
ويعمل روبن مارتي مديرًا فنيا في أكاديمية مارسيت الشهيرة للشباب، التي انضم إليها دي لا فوينتي عندما انتقل لبرشلونة في البداية (تدرب دي لا فوينتي في أكاديمية مارسيت قبل أن ينتقل إلى إف سي دام ثم إلى أكاديمية لا ماسيا في مستوى أقل من 13 عاما). ويقول مارتي إن الجناح الأمريكي الشاب قادر على "زعزعة استقرار" المنافسين وخلق الكثير من المشكلات لهم.
ويقول بيدرو مارسيت، المدير التربوي في أكاديمية مارسيت للشباب، إن موهبة دي لا فوينتي كانت واضحة منذ البداية، مضيفا "لقد برز بشكل واضح لدى وصوله إلى برشلونة. لقد كان مختلفًا عن باقي اللاعبين لأنه يمتلك قدرات فنية كبيرة للغاية، كما يمتلك رؤية ثاقبة وقدرة مذهلة على الاحتفاظ بالكرة والتحكم بها عند التسديد والمراوغة، كما يمكنه اللعب تحت ضغط عدد كبير من لاعبي الفرق المنافسة".
وهذا يفسر سبب إعجاب دي لا فوينتي بالمديرين الفنيين في أكاديمية لا ماسيا، الذين رأوا أن هذا اللاعب الشاب يفهم الطريقة التي يلعب بها برشلونة رغم أنه كان لا يزال في سن المراهقة، وأدرك أن الفريق يعتمد على الضغط والاستحواذ على الكرة والتحرك الواعي من الناحية الخططية.
من السهل أيضًا اكتشاف بعض الجوانب التي سيكون عليه التحسن فيها، ففي حين أن الجناح لديه القدرة على التغلب على أي مدافع واحد على واحد، إلا أنه يفتقر إلى اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق أقصى استفادة من تلك المهارة. سيكون تطوير اللمسة الأخيرة أمرًا حيويًا بالنسبة للنجم الأمريكي في هذه السنوات القليلة المقبلة، وما إذا كان سيفعل ذلك سيكون على الأرجح العامل الحاسم عندما يتعلق الأمر بتحديد الوجهة الجديدة للاعب.
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: